حجم:
مواد:
نعيش في عالم يتعطّل بفعل التغيّرات البشرية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والعرقية والإنتاجية. ومن المفارقة البارزة في عصرنا هذا تنامي الصراعات وسوء التفاهم الدائم والمعارك الدينية، على الرغم من كثرة المعلومات وضرورة وجود وعي جديد للواقع. يتعرّض التقليد الثقافي لهجوم متزايد مع انهيار الاجماع الثقافي.
يحدّد التراث الثقافي في بيروت، كما في ميلانو، ماهيتنا كشعب، على وجه التحديد، لأننا لا نستطيع، ولا ينبغي لنا، أن نزيل أنفسنا من استمرارية تقاليدنا. وغالباً ما تقدّم العوالم القديمة إلهاماً لأفكارنا وحياتنا ورؤيتنا. باعتقادي أن التقدّم يعني التغيير، والتغيير صعب في بعض الأحيان في الحياة، ولكن علينا أن نميّز بين "البروتوكول" الصحيح لإيجاد الطريقة الصارمة "لنكون نشطين بأيدينا ونمشي بأقدامنا"، كما قال أنتيفون. وأعتقد أن الالتباس الدائر حول مفهوم "الغابة" من حولنا يجعل كل شيء في فوضى عارمة، وقد حان الوقت للعودة إلى البساطة والدقة. أحب في هندستي المعمارية وفي تصاميمي أن استخدم المواد والأشكال في الأصل، بعيداً عن دورها الجديد، لمنح الأشياء شيئاً من النبل والأناقة مع لمسة تقشفية. أحب أن أمزج بين الدقة في العمل والقياس والخيال الفني. لقد حان الوقت للانضباط وإسقاط الأشياء بنقاء وبأهمية جوهرية. ولهذا أحب المكتب وطاولة الكتابة مع الأدراج لسان باولو كونفيرسو، التي هي في نفس الوقت قوية وصارمة، مع استخدام مادة للأساس كالحديد، تعد بحكم تعريفها صناعية. وبحسب فرانك جيري: "أي مادة متى استخدمت في طيات طبيعتها، فإنها تنتج شكلاً جديداً واستخداماً جديداً". نحن قريبون من عالم تكون فيه المرونة والقدرة على التأقلم كالرباط المطاطي. قد يكون الدور الذي لعبته بيروت، كمركز إقليمي فكري، مصدر إلهام للمصمّمين الشباب الذين يمكن أن يمثلوا دوراً داعماً هاماً فيما يجب أن يكون تحدياً مركزياً للتوازن في عالمنا. نحن في بيروت، المدينة الجميلة وشعبها الرائع ومن عبّر أفضل من أناكساغوراس بقوله: "ما معنى الحياة البشرية؟ أن ننظر إلى السماء والنجوم والقمر والشمس".